عبد القاهر الجرجاني في (جرجان) وهي مدينة مشهورة بين طبرستان وخراسان ببلاد فارس ولد (أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني) في مطلع القرن الخامس للهجرة.. كان منذ صغره محبًّا للعلم، فأقبل على الكتب والدرس، خاصة كتب النحو والأدب والفقه، ولما كان فقيرًا لم يخرج لطلب العلم نظرًا لفقره، بل تعلم في جرجان وقرأ كل ما وصلت إليه يده من كتب، فقرأ للكثيرين ممن اشتهروا باللغة والنحو والبلاغة والأدب، كـسيبويه والجاحظ والمبرِّد وابن دُرَيْد وغيرهم. وتهيأت له الفرصة ليتعلم النحو، على يد واحد من كبار علماء النحو؛ عندما نزل جرجان واستقر بها، وتمضي الأيام ليصبح عبد القاهر عالمًا وأستاذًا، واشتهر شهرة كبيرة، وذاع صيته، فجاء إليه طلاب العلم من جميع البلاد يقرءون عليه كتبه ويأخذونها عنه، وكان عبد القاهر يعتز بنفسه كثيرًا ويكره النفاق، ولا يذل نفسه من أجل المال، ووصل عبد القاهر الجرجاني لمنزلة عالية من العلم، ولكنه لم يُقَدَّر التقدير الذي يستحقه. وقضى عبد القاهر حياته بين كتبه، يقرأ ويؤلف، فكتب في النحو عدة كتب؛ منها: (المغني) و(المقتصد) و(التكملة) و(الجمل) وفي الشعر كتب؛ منها: (المختار من دواوين المتنبي والبحتري وأبو تمام) وترجع شهرة عبد القاهر إلى كتاباته في البلاغة، فهو يعتبر مؤسس علم البلاغة، أو أحد المؤسسين لهذا العلم، ويعد كتاباه: (دلائل الإعجاز) و(أسرار البلاغة) من أهم الكتب التي أُلفت في هذا المجال، وقد ألفها الجرجاني لبيان إعجاز القرآن الكريم وفضله على النصوص الأخرى من شعر ونثر، وقد قيل عنه: كان ورعًا قانعًا، عالـمًا، ذا نسك ودين. وتوفي شيخ البلاغيين (عبد القاهر الجرجاني) سنة 471هـ، لكن علمه مازال باقيًا، يغترف منه كل ظمآن إلى المعرفة ويهدي إلى السبيل الصحيح في بيان إعجاز القرآن الكريم.